الأسد في كلمة هادئة: لا نتدخل في لبنان
أجواء عربية قاتمة تسيطر على قمة دمشق
عدد القراء: 321
صورة جماعية للزعماء المشاركين في القمة (رويترز)
30/03/2008 دمشق – سنية محمود ومحمد كركوش:
عبر الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى عن الانقسامات العربية الحادة، في كلمته امام القمة العربية العشرين التي انطلقت امس في دمشق وسط غياب نصف الزعماء العرب.
وتحدث موسى عن القمة التي تنعقد «والغيوم تملأ الجو العربي الذي اصبحت قتامته مضرب الامثال وبانت سلبياته تضرب في جذور النظام العربي، وتخلق حالة من الالتباس السياسي والارتباك في الاولويات والاضطرابات في العلاقات العربية.
واضاف «اننا نعاني ازمة ثقة فينا وفيما بيننا، نعم لقد وصل الامر الى درجة غير مقبولة من الاضطراب في العلاقات العربية، كما وصل الى درجة غير مسبوقة في تلاعب قوى دولية بقضايانا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية».
حضور لبنان بغيابه
وطغى غياب لبنان عن القمة حضورا قويا وشكلت ازمته العنوان الرئيسي والشغل الشاغل للاطراف المشاركة و شبه المقاطعة لهذه القمة.
وقد برز ذلك بشكل واضح في كلمات القادة في الجلسة الافتتاحية للقمة، لاسيما كلمة الرئيس السوري بشار الاسد الذي، وان حاول التركيز علي القضية الفلسطينية، فقد تطرق الى الازمة اللبنانية، وبرزت كلمة عمرو موسى الذي سلط الضوء على الجهود التي بذلت من اجل انجاح المبادرة العربية، كما ان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل الذي خطف اضواء مؤتمر القمة لبعض الوقت، عندما اطل من الرياض، تحدث باسهاب عن الازمة اللبنانية، متهما المعارضة بعرقلة الحلول، مشيرا الى التأثير الكبير لهذه الأزمة على المستوى التمثيل في القمة والعلاقات العربية – العربية.
كلمة تصالحية
وفي كلمته الافتتاحية، اكد الرئيس السوري ان بلاده لا تتدخل في الشأن الداخلي اللبناني.
وخلافا لما كان متوقعا جاءت كلمة الرئيس السوري مختصرة وتصالحية على نحو ما، وخلت من اي عبارات تصادمية، وركزت على العموميات، وبدا واضحا انه جرت صياغة كلمة الرئيس على نحو حذر، حتى تكون موضع وفاق او على الاقل حتى لا تسهم في زيادة الانقسامات العربية.
وقد اكد الاسد ان بلاده تعرضت اخيرا لضغوط من اجل ان تتدخل في لبنان لحل الازمة، لافتا الى انها رفضت ذلك لان الحل في يد اللبنانيين.
وقال ان «الضغوطات التي مورست وتمارس على سوريا منذ اكثر من عام، وبشكل اكثر كثافة منذ اشهر، هي من اجل ان تقوم سوريا بالتدخل في الشؤون الداخلية للبنان».
واضاف «كان جوابنا واضحا لكل من طلب منا القيام بعمل يصب في هذا الاتجاه، انه يبقى الحل بيد اللبنانيين انفسهم، فلهم وطنهم ومؤسساتهم ودستورهم وهم يملكون الوعي اللازم لذلك». واكد الاسد ان «اي دور آخر هو دور مساعد لهم (اللبنانيين) ونحن في سوريا على استعداد تام للتعاون مع اي جهة عربية او غير عربية في هذا المجال»، من دون الاشارة الى المبادرة العربية في لبنان.
كسر الحصار
من جهة اخرى، دعا الرئيس السوري الدول العربية الى كسر فوري للحصار الذي تفرضه اسرائيل على قطاع غزة، وقال «ها نحن اليوم نجتمع ودماء شهداء مجازر اسرائيل، بل محارقها في غزة لم تجف بعد امام صمت العالم وغضب الانسان العربي».
واضاف «اننا اذ نعبر عن المنا وادانتنا لما يتعرض له شعبنا في غزة والضفة الغربية، فاننا نرى ان الاولوية يجب ان تكون للحوار بين الفلسطينيين».
وتابع الاسد، «ندعو للعمل على الكسر الفوري للحصار المفروض على غزة من قبلنا كدول عربية اولا كمقدمة لطلب ذلك من دول العالم».
وفي اشارة الى الخلاف العربي – العربي قال الاسد، انه من الطبيعي ان يحمل اصحاب «الاسرة الواحدة افكارا مختلفة»، مضيفا انه «رغم اتفاقنا على الاهداف هناك اختلاف بين الدول العربية حول عدد من القضايا».
عملية السلام
وفي شأن عملية السلام في المنطقة، دعا الاسد الى «البحث عن الموقف المتوازن الذي يوائم بين متطلبات السلام العادل والشامل وتوفير الحد الادنى من عناصر الصمود والمقاومة»، مؤكدا ان «الامن لن يتحقق لاحد الا من خلال السلام وليس الحروب».
وقال «نؤكد في سوريا ان السلام لن يتحقق الا بعودة الجولان كاملا، حتى خط الرابع من يونيو 1967، والمماطلة الاسرائيلية لن تجلب لهم شروطا افضل ولن تجعلنا قابلين للتنازل عن شبر او حق». واكد الاسد ان الوضع في العراق «يتطلب منا تضافر الجهود لدعمه ومساعدته في تحقيق سيادته وامنه واستقراره على اساس من الوحدة الوطنية»، داعيا الى «تحقيق المصالحة الوطنية بين ابناء العراق وصولا الى تحقيق الاستقلال الكامل وخروج آخر جندي محتل».
موسى والمبادرة
من جهته، اكد الامين العام للجامعة العربية ان آراء الدول العربية توافقت في الجامعة على مبادرة واضحة تستهدف استقرار لبنان وحماية امنه الاجتماعي ووحدته السياسية.
وقال موسى في كلمته امام القمة «اننا كنا نود مشاركة لبنان في هذه القمة التي دعي اليها.. الا ان غيابه لا يعني الا نناقش هذه المشكلة التي تؤرق الجميع وتهدد امن المنطقة».
واضاف ان المهمة العربية القائمة على المبادرة حققت بعض عناصر التقدم، اذ حددت عناصر الخلاف وجمعت ممثلي الاطراف وتوصلت الى توافق على عدد من النقاط الاساسية.
واوضح ان اهم ما ادت اليه المبادرة هو تأكيد التوافق الوطني على ترشيح العماد ميشيل سليمان لرئاسة الجمهورية وكذلك بدء النقاش في الشكل العام للحكومة المقبلة اي حكومة الوحدة الوطنية.
وقال ان هذا التقدم مهم مهما كان حجمه لانه يشكل «اساسا كافيا للتحرك نحو انتخاب رئيس للجمهورية ليقود عملية التوافق اللبناني وعملية التفاهم بين الدولتين الشقيقتين والجارتين سوريا ولبنان».
واضاف انهما امران اساسيان لعودة الهدوء والاستقرار وتراجع التوتر والاضطراب في هذا الجزء العزيز من الوطن العربي.
الوضع الفلسطيني
وحول الوضع في فلسطين، اكد موسىان الوضع في الارض المحتلة غاية في السوء مشيرا الى ان الاخطر بكل المقاييس هو استمرار سياسة الاستيطان.
واوضح ان «موقفا حاسما من جانبنا في هذا الاطار لا يمكن ان يلومنا عليه احد، وبالقطع لن يلومنا عليه التاريخ، اننا طلاب سلام وقد عرضنا السلام على اسرائيل فكانت النتيجة لا شيء».
وقال ان اجتماعا عربيا على مستوى وزراء الخارجية في منتصف 2008 هو امر اساسي لنقرر في اي اتجاه نتحرك «فاذا كان هناك تقدم حقيقي فيتوجب علينا ان ندعمه، اما اذا كان الوضع سوف يراوح مكانه كالمعتاد فعلينا ان نتخذ القرارات التي تناسب الموقف».
واعرب عن دعم جامعة الدول العربية للجهود اليمنية وللرئيس علي عبدالله صالح شخصيا، في صدد تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية.
العراق والأمن الإقليمي
وحول الوضع في العراق، قال موسى «اننا نتابع ما يجري في العراق بقلق كبير»، مؤكدا ان تمهيد الطريق الى قيام العراق المستقر لا يمكن ان يتم والوضع الان يبدو وكأنه يراوح مكانه.
واكد ان العراق الجديد لن يقوم الا بأن يكون العراق بلد كل مواطنيه ولن يصلح الا بوحدته ارضا وشعبا.
وتطرق موسى الى مشاكل الامن الاقليمي قائلا «اننا لا يمكننا التحدث عنها وعن الامن العربي بمعزل عن الجهود المبذولة لاقامة منطقة خالية من الاسلحة النووية في الشرق الاوسط، وهو امر تعاملت معه قرارات متكررة للقمم العربية».